مغاربة العالم و الدولة المغربية... أية علاقة ؟

مما لاشك فيه أن الجالية المغربية المقيمة بالخارج تساهم في نهضة البلاد ولو من بعيد ولها الفضل الكبير في توفر المغرب على إحتياطات مهمة من العملة الصعبة، إلى جانب الإستثمارات الهامة التي يوفرها مغاربة العالم ببلادهم وفي مختلف جهات المملكة رغم العراقيل والصعوبات التي يلقونها في سبيل تأسيس شركات أو الحصول على رخص لمشاريعهم.
إن المتتبع لحال مغاربة العالم وواقعهم الصعب الذي يمرون به ، فهم في نظر بلدان الهجرة مجرد مهاجرين وفي نظر البلد الأم مع كامل الأسف مجرد مهاجرين أو بمعنى أصح أرقام مالية فقط ، هذا الشعور الذي غالبا ماتبدده السلطات الحكومية الوصية على قطاع مغاربة العالم في مختلف اللقاءات التي تجمعها بهم أو التي تنظم على شرفهم ، وبالخصوص العاشر من شهر غشت من كل سنة حيث يعتبر يوم المهاجر ،ففيه تعقد لقاءات مع مغاربة العالم بمختلف الولايات والعمالات وبمشاركة مختلف المصالح المعنية بهموم المهاجرين ، لكن هذا اليوم فهو مجرد قيمة معنوية لاأقل ولاأكثر ولايقدم أي حلول فيما يخص مشاكل مغاربة العالم .
ومما لاشك فيه أن الرقم الصادر عن الكاتب العام للوزارة المكلفة بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة والمتعلق بعدد مغاربة العالم والذي يتجاوز أكثر من 4.5مليون مغربي له دلالة جد كبيرة ، إذ لايعقل هذا الرقم الضخم أن لايكون له حصة من سياسة البلد الأم وأن لاتكون له برامج حكومية خاصة به وحتى وإن وجدت تبقى ليست ذات قيمة.
فالحكومة ورغم تسمية وزارة بإسم مغاربة العالم من أجل خدمتهم ونقل همومهم تبقى طريقة التفاعل جد ضعيفة وغير مجدية في ظل تراكم مشاكل مغاربة العالم وضياع حقوقهم داخل بلدان الإقامة وفي ظل تباطؤ رسمي للحكومة المغربية في الذوذ والدفاع عن حقوقهم .
ولنا في قضية إتفاقية الضمان الإجتماعي بين المملكة الهولندية والمملكة المغربية خير مثال على فشل الحكومة الحالية في تحقيق نتائج إيجابية لصالح المغاربة المتضررين من هذه القضية ، فمؤخرا صادق البرلمان الهولندي على إلغاء إتفاقية الضمان الإجتماعي التي تجمعه بالمغرب وهذا يعني ضياع حقوق المغاربة في الحصول على التعويضات العائلية والمكتسبة بقوة القانون الدولي ، وهذا مازكته أحكام قضائية صادرة عن المحاكم الهولندية بكون حرمان المغاربة العائدين والمقيمين بالمغرب من حقوقهم ليس له أي سند قانوني .
مثال أخر كذلك يمثل سياسة الإهمال المتبعة من طرف حكومتنا تجاه أبناءها والمتعلق بقضية معادلة رخصة السياقة المغربية بنظيرتها الإسبانية ، إذ يعاني الآلاف من مغاربة العالم المقيمين بالديار الإسبانية من هذا المشكل العويص الذي يكلفهم في غالب الأحيان، وبخاصة في حالة السياقة برخصة سياقة مغربية في بلد الإقامة غرامة تتجاوز 500يورو .
هذا الإشكال المطروح بشدة من طرف مغاربة إسبانيا جاء بعد أن إستبشروا خيرا بتصريح للسيد محمد نجيب بوليف الوزير المنتدب المكلف بالنقل واللوجيستك ، بكونه وقع إتفاقية معادلة رخصة السياقة المغربية بنظريتها الإسبانية مع الوزير الإسباني المعني بالقطاع .

الإشكال الحقيقي الأخر هو الإمتياز المعيب الذي قدمته حكومة عباس الفاسي لمغاربة العالم وسايرت حكومة عبد الاله بن كيران على نفس المنوال في تمكين المغاربة القاطنين بدول الهجرة في الحق والإستفادة من تخفيض رسوم جمركية على تعشير السيارات تصل إلى 85 في المائة من قيمة الواجبات الجمركية ,لكنها وضعت سن 60 كحد أقصى لكل من أراد أن يستفيد  وكما هومعلوم ,فسن 60 وبعد حياة مليئة بالاشتغال والتعب يفقد جسم الإنسان طراوته وبالتالي يجعل الإستفادة من هذا الحق إلا لقلة قليلة محظوظة لازالت محتفظة بصحتها العامة ,ويرى مغاربة العالم أنه من الأفضل تخفيض السن إلى 40 سنة لكي يستفيد الجميع من هاته المبادرة وهم في أفضل حال وهناك جملة من الحلول المقترحة والتي نراها مجدية مثلا كأن يستفيد من هذه الإمكانية كل من قضى بديار المهجر 10 سنوات ويبلغ من العمر على الأقل 40 سنة . فمغاربة العالم الذين يضخون مايعادل 6 مليارات من الدولارات حسب تصريح لمكتب الصرف برسم سنة 2015 والمتعلق بعائدات مغاربة العالم من العملة الصعبة ،يعانون داخل وخارج بلادهم من ضياع حقوقهم ، وفي ظل عدم وجود مدافع عن حقوقهم تبقى حقوقهم معرضة للضياع والزوال أمام صمت شبه رسمي للسلطات الحكومية ، ولهذا وجب على حكومة السيد عبد الإله بنكيران أن تتحرك وبسرعة خصوصا فيما يتعلق بملف إلغاء إتفاقية الضمان الإجتماعي قبل نشره بالجريدة الرسمية الهولندية ، فضياع حقوق هذه الفئة من المواطنين المغاربة تبقى وصمة عار في جبين الحكومة المغربية .
وعلى مغاربة العالم أن يبادروا بخطوات حقيقية وفعالة للدفاع عن حقوقهم بواسطة جمعيات المجتمع المدني هناك بأرض المهجر ، فأهل السياسة بالمغرب أبانوا عن عجز كبير في التفاوض مع أطراف هم أضعف منهم في الواقع وخصوصا في ملفي الإرهاب والهجرة.

إسماعيل أجرماي