كنا ونحن لازلنا صغارا, نتلقى الأدبيات الأولى في مدارسنا ,وكنا نلقن دروس في مادة
التربية الإسلامية , وكانت الأستاذة تؤكد لنا أنه في أخر الزمان, ستقوم القيامة وسيجازى كل حسب عمله, فمنا من سيخلد في النار ومنا من سينعم بالجنة وآخرون سيعذبون في النار
وسيتوب الله عليهم ويتحولون إلى النعيم .
حديثنا هذا دفعني إليه القيامة السياسية التي حدثت بفعل تشريعيات السابع من أكتوبر ,فالحزب المتصدر عينه جلالة الملك لتشكيل الحكومة ,فجنة السياسي بيد السيد عبد الإله بن
كيران القائد الأبرز للحزب ذي المرجعية الإسلامية المستفيد من المقاطعة الإنتخابية لأزيد
من تسعة ملايين مغربي ,مستغلا حقارة المنتوج السياسي المغربي وعدم القدرة على دفع
المقاطعين للتصويت ,فبطبيعة الحال كلما كان المنتوج رديئا إلا وكان الرفض وعدم التجاوب هو القاعدة, وذاك ماوقع في الحالة المغربية,ولكي تستقيم الحياة السياسية داخل المملكة الشريفية هناك مجموعة من الأمور التي تعتبر لبنة أساس لإحياء السياسة في البلاد,أهمها عقلنة العمل الحزبي ,إحترام المؤسسات,عدم إستغلال العمل الجمعوي كخزان إنتخابي,ويبقى القرار الأبرز التحلي بالشجاعة ومواجهة كل قوى "التحكم" التي بالمناسبة لن نسمع عنها أي شيء حتى إقتراب موعد الإنتخابات التشريعية المقبلة .كل الاحزاب أعناقها مشرئبة نحو حي الليمون بالرباط تنتظر الإشارة ولو بطرف أصبع من أجل الدخول في مشاورات سياسية في أفق التفاوض على المناصب الوزارية من طرف
المكلف بتشكيل الحكومة,الكل يصبو نحو نعيم الدنيا,كيف لا وقد خاض القيامة من أولها إلى
أخرها وفي نهاية المطاف,أن لايظفر بمنصب حكومي لايعقل؟.ويبقى الصراع داخل الأحزاب الساعية للمشاركة بالحكومة المقبلة في فرض الأسماء مستمرا ,ويبقى معه المواطن المغربي مخلصا لمقاطعته مدمرا ذاته ومجتمعه تاركا البلاد لحفنة من الإنتهازيين للنيابة عنه في التدبير,عفوا في التدمير .
وأخيرا تبقى المناصب هي المحرك الأساس في العملية السياسية المغربية ,أما المواطن فذاك لاقيمة له وقيمته كانت في الصندوق ,وماعادوا بحاجة إليه الآن,وحال السياسي يقول "إلى اللقاء ,نراك بعد خمس سنوات عجاف" فهو يعلم أن دار لقمان ستبقى على حالها إلا أن دار بنكيران سيكتمل بها إصلاح الطواليط والكوزينة.
بقلم إسماعيل أجرماي
Top
0 التعليقات Blogger 0 Facebook
إرسال تعليق