adstop

على عكس التوقعات التي كانت توحي بتصدر حزب الأصالة و المعاصرة لإنتخابات السابعمن اكتوبر ,أفرزت النتائج النهائية فوز حزب العدالة و التنمية بعدد مقاعد في حدود 125 مقعدا متقدما على المنافس الأبرز حزب الأصالة والمعاصرة ب23 مقعدا .


يصعب التفسير كيف لحكومة قادت المواطن المغربي إلى زيادات كبيرة في مختلف مناحي
الحياة المرتبطة بالجانب المعيشي للمواطن البسيط وكذا مساهمتها في تقزيم دور الطبقة
المتوسطة داخل المجتمع بالإضافة إلى مجموعة من القرارات اللاشعبية أن تتصدر الإنتخابات التشريعية .
في نظري المعطى الأول الذي إستفاد منه الحزب المتصدر "المقاطعة" التي ساهم فيها أكثرمن ثمانية ملايين ناخب عبر التراب الوطني ,وإستفاد حزب العدالة و التنمية كذلك من
المحافظة على قاعدته الإنتخابية "المنضبطة" ويعزى الأمر في نظري إلى الخطاب الديني
الذي ينهجه الحزب في مختلف خطاباته السياسية مستغلا الطابع المحافظ لأغلبية المغاربة
وتشبتهم بمبادئ الدين ,مقابل اللعب بورقة التخويف من الآخر التي يجيد الحزب إستغلالها
أيما إستغلال ,هذه الوصفة تجعل من ناخب العدالة و التنمية" ناخب جد مخلص وطيع" .
ففي حالة المجتمعات الديموقراطية العادية فإن حزب العدالة والتنمية وبناءا على ماقدمهخلال الولاية الحكومية السابقة من نتائج مخيبة للآمال فيصعب حصد هذه النتائج ,أما والحالونحن في مجتمع مغربي غيرواضح المعالم فإنه يتطلب دراسة سوسيولوجية لمعرفة الناخبالمغربي كيف يفكر ؟كيف يقدر الأمور؟
حزب الأصالة والمعاصرة تحسن كثيرا في مقاعده البرلمانية إذ إنتقل من 46 في التشريعيات إلى 102 مقعدا ,هذا المعطى أفرز حقيقة كانت دائما مثار جدل بين الصحفيين ورؤساء الأحزاب وهي القطبية الثنائية بين الحزبين ,وفي إعتقادي أن أمر المصطلح حسم وبالدليل الملموس بعد إعلان النتائج.


القطبية الثنائية كانت لها ضحايا بالجملة متمثلة في حزب الإستقلال المنحدر من 60 مقعد
برلماني إلى 46 مقعدا برلمانيا وكذلك الشأن لحزب التجمع الوطني للأحرار من 52 مقعدا
إلى 37 مقعدا برلمانيا وهكذا دواليك مع مختلف الأحزاب الأخرى التي منيت بهزيمة جد
قاسية كحزب الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية, وأخص بالذكر حزب التقدم والإشتراكية وفي إعتقادي
أن الحزب الشيوعي أصابته لعنة القصر من حيث لايدري .
حزب الحركة الديموقراطية الإجتماعية فاز بثلاثة مقاعد ,في حين أحزاب فدرالية اليسارفاز
بمقعدين ,وأحزاب أخرى فازت بمقعدين .
هذه النتائج المؤقتة أفرزت لنا رابحين إثنين ,أثبتا أنهما الأقوى على الساحة أنهما الأبرز
تنظيميا ,حزبان يشتغلان بكفاءة من أجل مصالحهما الحزبية ,وشاءت الأقدار أن تجعلهما في
أبشع سيناريو إنتخابي.
حزب العدالة و التنمية بموجب الفصل 47 من الدستور فإنه المعني بضرورة تشكيل الحكومة
فمع من سيتحالف؟
إذا فرضنا جدلا أنه سيتحالف مع الأحزاب كلها, غير الأصالة و المعاصرة ,فإن الأمر لايستقيم
بحكم أن تجربة الحكومة السابقة أبانت على عدم التجانس الحكومي بين مختلف مكونات
التحالف الحكومي ,ومن الصعب في نظري تكرير نفس السيناريوالرتيب وإن تكرر فإننا سنعيش الرتابة السياسية نفسها وهذا ليس في صالح المملكة .
وفي حالة عدم إستطاعة الحزب المتصدر للإنتخابات تشكيل حكومة فإننا نكون أمام تأويل
للدستور وإحتمالية تدخل جلالة الملك بموجب الفصل 42 من الدستور الذي يعطي لجلالة
الملك مجموعات من الصلاحيات تتجلى في إعتباره " الملك رئيس الدولة، وممثلها الأسمى،
ورمز وحدة الأمة، وضامن دوام الدولة واستمرارها، والحكم الأسمى بين مؤسساتها، يسهر
على احترام الدستور، وحسن سير المؤسسات الدستورية، وعلى صيانة الاختيار الديمقراطي ،
وحقوق وحريات المواطنين والمواطنات والجماعات، وعلى احترام التعهدات الدولية
للمملكة." حيث بإمكانه طلب تشكيل الحكومة من طرف الحزب الثاني المتصدر لنتائج
الإنتخابات.
كما هناك إحتمالية غاية في الصعوبة, تتمثل في تحالف الأول والثاني, وبإعتبار أن الأمين
لحزب الأصالة و المعاصرة صرح في مرات سابقة أنه إن شاءت الأقدار أن يتحالف مع
العدالة و التنمية فإنه حتما سيتقدم بإستقالته ,وكذلك الأمر بالنسبة للأمين العام لحزب المصباح الذي يعتبر حزب الجرار خطاأحمر ,بالإضافة إلى الإختلاف الإيديولوجي الحارق بين الحزبين ,غير أن عالم السياسة لايعتد بمثل هته التصريحات فمن الممكن تليين المواقف في أفق تشكيل حكومة بحزبين وبأغلبية جد مريحة .
وهناك خيار ثالث ,وهو اللجوء إلى إعادة الإنتخابات وفي نظري يبقى خيار جد مستبعد بحكم أن المملكة المغربية تسعى ولازالت إلى تسويق مغرب الإستقرار السياسي والإجتماعي وهذا مالايجعلها تقوم بهكذا خطوة ولأنها مكلفة ماليا ولوجيستيكيا .
أما الاحزاب المنهزمة الهزيمة المخزية والنكراء فإنها يجب أن تتحمل مسؤولياتها وتقدم
إستقالاتها وتفسح المجال لجيل جديد من الشباب يسعى بتلك الأحزاب نحو إعادة ضبطها
تنظيميا والإشتغال على الديموقراطية الداخلية من أجل خلق منتوج سياسي راقي يجذب
الشباب الذي يعتبر الورقة المستقبلية لكل الأحزاب المغربية إن أرادت العودة للحياة
السياسية من جديد ,لكن وإن إستمرت على هذا الحال فإنها ستدخل ضمن الأحزاب جد
الصغيرة وستحكم على نفسها بالإندثار والزوال,فالسياسة في المغرب أثبتت أنها لاتعترف
بالسياسي الكسول بقدر ماتقدر السياسي المجتهد والمثابر وهذا ماجعل حزب العدالة والتنميةوالأصالة و المعاصرة يتصدران الإنتخابات ويسحقان الأحزاب الأخرى.




كاتب المقال إسماعيل أجرماي

0 التعليقات Blogger 0 Facebook

إرسال تعليق

 
وجهتكم © 2013. All Rights Reserved. Powered by Blogger
Top