adstop


مع اقتراب انطلاق مؤتمر جنيف 2 للسلام في سوريا، بدأت الشكوك تثار حول سلطة وفد المعارضة المفاوض، ومدى نفوذه على الكتائب المسلحة الفاعلة ميدانياً في محاربة النظام، وقدرتهم على الالتزام بأية تسوية قد يتوصل اليها الطرفان خلال المحادثات.
ومع الاحداث الأخيرة في مدينة حمص، حيث تعرضت قافلة المساعدات التابعة للأمم المتحدة والصليب الأحمر لإطلاق نار وقصف من قبل \"شبيحة\" النظام السوري، عند محاولتها الدخول إلى المناطق المحاصرة الخاضعة لسيطرة الثوار، ومقتل الطبيب البريطاني \"عباس خان\" قبل ساعات فقط من الموعد المقرر للافراج عنه من معتقلات النظام، فإن ذلك يدل بوضوح على أن الرئيس السوري بشار الأسد غير مسيطر على أفراد جيشه ومخابراته، حتى أصبح اليوم كمن اخترع كذبةًً ثم صدّقها.
على ما يبدو، فإن الأسد قد ورّط نفسه في أعمال لن تؤدي في النهاية إلا لمقتله على يد أنصاره من العلويين الذين فشل في حمايتهم من قوى المعارضة التي صوّرها على الدوام كخطر مهدد لوجود \"الكيان العلوي\"، إضافةً إلى ممارساته التي أحبطت حتى أبسط محاولات بناء الثقة المطلوبة والتي كان من الممكن أن تساعد في التوصل إلى حل سياسي نهائي للصراع، كالسماح لقافلة المساعدات بدخول المناطق المحاصرة وإطلاق سراح معتقلين بارزين كالطبيب \"عباس خان\".
إن أي متابع للاحداث على الساحة السورية عن كثب، لن يفاجأ بمعارضة داعمي النظام بشدة لأبسط التنازلات المطلوبة.في تموز عام 2013، قام الجيش النظامي السوري باقتحام مدينتي \"تلكلخ\"، مدعوماً بقوات من منظمة \"حزب الله\" الإرهابية اللبنانية، حيث دهم العساكرُ وافرادُ المخابرات البيوتَ لينهبوها، واعتقلوا الناس بشكل عشوائي.في ذاك الوقت، كان لأحد أقربائي في المدينة ابنٌ لديه علاقة وثيقة مع شخصية بارزة من النظام لسنوات عديدة، واعتقد أن ذلك سيحميه وعائلتَه من \"الشبيحة\" عند اقتحامهم منزله، فأظهر لهم على الفور صورة لابنه مصافحاً \"سيادة الرئيس\" الدكتور بشار بذاته، فما كان من الشبيحة إلا أن كسروا فكه وشتموه والدكتورَ بشار معاً.
ترسخت قناعتي هذه حول الأسد، مراراً وتكراراً، خلال إقامتي في مدينة \"طرطوس\"، حيث القيامُ باستطلاع رأي نزيه في \"سوريا الأسد\"، يلخص بشكل وافٍ موقف ضباط النظام من رئيسهم.لقد خلق الأسد عبر أكاذيبه تصوراً مزيفاً للواقع، جعل النتيجة الوحيدة المقبولة لدى أنصاره هي سحق قوى المعارضة \"التكفيرية المتطرفة\"، وهذا ما أدرك الأسد لاحقاً استحالةَ تحقيقه تماماً، لأنه عندما قام بتصوير أعدائه من المعارضة كهمج متوحشين ساعين لإخضاع البلاد تحت سطوة حكم \"الإمارة الإسلامية\"، فإن الوسيلة الوحيدة المتصورة عندئذ لحماية العلويين في حمص ودمشق والساحل، هي الإبادة الكلية لـ \"التكفيريين\" ومؤيديهم.
وماذا بعد أيها الدكتور؟، هل ستسلم مخزون سوريا من السلاح الكيماوي؟ يتساءل الشبيحة الذين قُتل منهم عشرات الآلاف منذ بدء الصراع، ولا يقبلون بصفقات تؤدي إلى تخلي النظام عن مخزونه الكيماوي من أجل ضمان بقائه، بل يريد هؤلاء إطلاقَ غاز السارين بكميات هائلة على المناطق التي مازال الثوار يسيطرون عليها في دمشق وحمص.

صحيفة تركية  Homs to Istanbul

0 التعليقات Blogger 0 Facebook

إرسال تعليق

 
وجهتكم © 2013. All Rights Reserved. Powered by Blogger
Top