روى الفنان المعتزل فضل شاكر في لقاء مع «القدس العربي» حكاية تحول من فنان الى سلفي متشدد.
قال شاكر أن قصته بدأت منذ سنوات عندما بدأ يعلم بتعرض اصدقائه واقاربه في صيدا للتعذيب والإهانة خلال اعتقالهم في سجون تابعة لأجهزة
الأمن اللبنانية وتخضع لسيطرة حزب الله ومنظومات حزبية لطوائف أخرى في لبنان، ويضيف:« كيف تحولت؟ انا بقلك، شفت ناس تعذبوا، وتعرضوا لإهانات خلال التحقيق بعبارات مذهبية وطائفية، بقلولهم انتو بحذاء نصرالله ، اي جيش بيعمل هيك؟ بوقفوهم برجل واحدة لساعات، بالصيف بحطوله دفاية، وبالشتاء المكيفات بشغلوها، هي وين صارت؟ بضربوهم وهم عراة حتى يتكسروا تكسير، احد اصدقائي ضل تلات شهور يتعالج بالمشفى، هادا غير سب الصحابة؟ غير إهانة الكرامات الممنهج، انت كلبناني سني شو بتحس وقتها؟ كأنك في بلدك ما؟».
ويتابع شاكر: «كنت أحاول دائما الإفراج عنهم، واستخدم علاقاتي مع الضباط ، أدفع اموال، أحكي مع سعد الحريري، اقله تعوا شوفوا هدول الناس المساكين»، ويبدو ان هذه الفترة هي التي شكلت الصدمة الاولى لفضل شاكر، حيث بات يشعر باستهداف ابناء طائفته وليس اصدقائه فحسب بل مدينته كما يروي الحج فضل شاكر ابن العائلة اللبنانية السنية الفقيرة في حي التعمير الملاصق لمخيم عين الحلوة، فمدينته صيدا ذات الأغلبية السنية تعرضت على ما يبدو لـ «هيمنة شيعية جعل السنة فيها كأنهم هم الأقليلة» كما يقول.
ويقول شاكر «تخيل انه كل مؤسسات مدينة صيدا خاضعة لسيطرة حزب الله وحركة أمل، مدينة كصيدا مفروض مركز ثقل سني وفي نواب عن صيدا كبار مثل بهية الحريري، السنيورة، لا يتحكمون الا بالقليل من مؤسساتها، حزب الله وأمل آخدين منهم شركة المي الاتصالات، والكهرباء، موظفين سراي (بلدية) صيدا السنية كلهم شيعة، القضاء تحت سيطرتهم، الامن طبعا، الضمان الاجتماعي لحركة أمل، تسجيل السيارات، كل شيء، شو عندهم بيت الحريري؟ يمكن بس mtc ـ مؤسسة الزبالة ـ وابشرك اخدها نبيه بري كمان من شهرين، ايضا لا يسمحون لأي مساعدات دون موافقتهم، هناك مستشفى تركي على مدخل صيدا جاهز من اربع سنين، لكن مسكر، مسكره نبيه بري، لأنو تركي مو إيراني، اما فؤاد سنيورة فاشترى نصف أراضي صيدا وما عمل شي لسنة صيدا، سرقهم بس».
ويبدو ان السطوة الامنية التي طالت ايضا بيت فضل شاكر في صيدا تركت اثرها البالغ عليه ، فيقول «إجو جماعة حركة أمل يسبوني ويشتموني أمام بيتي، بعدين حرقوا بيتي وسرقوا منه 900 الف دولار وذهب ومجوهرات. مسؤول مخابرات الجنوب ممدوح صعب واقف قدام بيتي وما قدر يحكي معهم، ولما استدعوني بمخفر صيدا بسألوني انت سبيت نبيه بري، قلتلهم ليش كاين ما بنسب نبيه بري بعد كل اللي عملوه جماعته بصيدا؟»
هكذا، اذن، يروي فضل شاكر قصة تحوله للتشدد الديني قبل ان يختم قائلا «كل هادا وما بدك اياني احس واتغير واتحول يا وائل؟ انا لو حجر كان حسيت واتحولت، كتير ناس كانوا عاديين وصاروا متشديين ومتزمتين من ورا هالظلم، ومو بس فنانين، من ورا هالظلم بكرا حتى الرقاصات يمكن يفجروا حالهن».
يؤذن للصلاة ، فيقوم الحج فضل ورفاقه الذين كانوا معه في أحداث عبرا بصيدا للصلاة، يؤمهم احد مشايخ السلفية في عين الحلوة.
وبعد الصلاة يقدم الحج فضل للجالسين مكعبات الشوكولا السويسرية الفاخرة التي يحتفظ بها من جولاته الأوروبية ويكمل حديثه «الحرب على الارهاب هي حرب عالاسلام بحجة داعش، السعودية ما بتشوف كم مسلم سني ماتوا بسوريا، ما بشوفوا كم الف بنت مسجونين ومغتصبين بسجون المالكي؟ ليش ما طلعوا طياراتهم ضد هدول، صارلنا خمسين سنة منشوف جيوشهم ديكور هالدول العربية».
ويضيف شاكر ساخرا «عندي سؤال للامير هرقل بن سليمان وين طياراتكم لما نزلوا كيماوي وبراميل عالسنة بسوريا والعراق؟ ما شافوا الدريلات وهي بتخزق اجساد السنة من عشر سنين بالعراق، إيران تفعل ما تريد والسعودية والدول العربية عاجزة، اللي عميقتل السنة في لبنان وسوريا والعراق واليمن هو واحد، الخامنئي».
يحل الليل، وتبدأ طقوس فضل شاكر المسائية التي يسلي بها نفسه حتى الفجر، واهمها اعداد اطباق خاصة من الطعام، ويصر دائما على اعداد العشاء بنفسه لأصدقائه وأفراد مجموعته، وقد حظينا بـ «طبخة هامبرغر» كما اسميناها تندرا على طريقته، اذ يتفنن بإعداد شطائر خاصة من اللحم المتبل ببهارات خاصة واختيار انواع من الجبن مع الشطيرة، ليخبرنا لاحقا انه تعلم هذه الطريقة في اعداد الهامبورغر في أحدى زياراته للولايات المتحدة، وخلال اعدادنا لشطائر الهامبورغر بدأ الحج فضل يستعيد ذكرياته عندما كان حرا يتجول في انحاء لبنان من البحر حتى الجبل، ولكن هناك ما عكر مزاجه فجأة عندما تحدث عن الجبل والثلج «بالتلجة الماضية جماعة عون منعونا انا والشيخ احمد الاسير نطلع عفاريا بعيون السمان، روكوز قائد فوج المغاوير هو اللي منعنا، وهو نفسه اللي قتلنا بعرسال والضنية، وراح يصير قائد جيش قريبا، اي بلد هادا بدنا نعيش فيو جيش يقوده متعصب كروكوز؟ اي وحدة وطنية؟ اي عيش مشترك؟، سيطروا ع لبنان، بكرا يمكن يجي ميشيل عون رئيس جمهورية، وقتها بخزق البسبور اللبناني».
انتهى العشاء، لننتقل لسطح احد منازل المخيم حيث الطقس الثاني من طقوس فضل شاكر خلال المساء، لنشرب الشاي من سطح البيت الذي يطل على أزقة المخيم الفقير بأسلاكها المشتبكة وخرير مياه انابيب مياه الشرب المثقوبة والتي تبعثر مياهها على رؤوس الأطفال اللاهين في الأزقة، نسمع منهم أصوات أطفال بلهجة سورية، نعم ، فآلاف العائلات الفلسطينية السورية نزحت من سوريا وتقيم الآن في المخيم ومثلهم مئات العائلات السورية التي فضلت العيش في مخيم للاجئين على تكبد معاناة العيش المشترك مع لبنانيين يضطهدونهم صبح مساء.
يرتشف فضل شاكر من كوب الشاي ويقول متنهدا «يا صاحبي والله اللاجئين السوريين بلبنان الله يكون بعونهم، هربوا من تحت بشار الاسد إجو لعند نصرالله، خايفين منهم لأنه البلد ما بفكر غير بمخاوفه، خايفين من السوريين لأنهم سنة بس، الخوف منهم انهم يصيروا اكترية سنية مع الفلسطينيين، هاي جزاة السوريين نعمل فيهم كل هالاجرام، مافيه بيت بسوريا والا في شهيد بسبب حسن نصرالله، وراح نصرالله بعت شباب الجنوب يقاتلوا مع شبيحة يغتصبون البنت امام امها، لهون وصلت مقاومة الحزب، كأنهم بحبوا يذكرونا بماضي الحزب والحركة مع الفلسطينيين هون بصيدا لما نبيه بري ونص الله قتلوا 5 آلاف فلسطيني بحرب المخيمات بالتمانينات، كانوا يلاقوا الفلسطيني بالفرشة ويحرقوه».
ننهي إبريق الشاي على سطح مخيم عين الحلوة مع الحج فضل، وقبل ان نترك السطح يتأمل فضل شاكر بيوت المخيم العتيقة ويقول «انا بدايتي من هادا المخيم، ما خليت سطح بالمخيم الا وغنيت فيه، أنا لبناني وهواي فلسطيني».
0 التعليقات Blogger 0 Facebook
إرسال تعليق