adstop


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه.. أما بعد: من المسائل التي ينبغي التنبه لها في الصلاة والتي هي من المسائل الحادثة في عصرنا: مسألة من أدركه وقت الصلاة وهو راكب على سيارة أو قطار أو طائرة، ولم يكن هناك مجال لتأخير الصلاة إلى حين وقوف السيارة التي يأبى صاحبها الوقوف لأداء الصلاة، أو الطائرة التي تصل المطار بعد خروج الوقت، أو القطار الذي لا يقف إلا بعد خروج وقت الصلاة كذلك. 
فما الحكم في كل ما سبق؟ هل يؤخر الإنسان الصلاة فيصليها خارج وقتها على الأرض، أم أنه يصليها على أي حال قدر عليه حفاظاً على الوقت؟ وهل تجب عليه الجماعة إن تمكن من إقامتها مع من معه؟. 
من المعلوم أن السيارة يمكن النزول منها والصلاة على الأرض، ولكن قد يحصل من بعض السائقين الذين لا يقيمون أحكام الإسلام رفض الوقوف  لأداء الصلاة، فإذا كانت الحال هكذا وخشي المصلي من فوات وقت الصلاة صلاها على حسب حاله ولا يؤخرها عن وقتها. ومن المعلوم أيضاً أن السيارات الموجودة حالياً لا تتسع لصلاة واحد قائماً بقيام وركوع وسجود فضلاً عن أكثر من واحد، لكن إذا أمكن لجماعة أن يصلوها وهم جلوس على المقاعد جماعة حسن ذلك، والله أعلم.
 أما القطار فإنه لا يقف إلا عند أماكن معينة، فقد يمر بالإنسان وقت من أوقات الصلاة، فالواجب عليه الصلاة في القطار ولا يؤخر الصلاة عن وقتها، والوقوف ممكن في القطارات ذات الصناعة الحديثة، مع بعض الصعوبة، فإذا كان القطار يمر في فضاء من الأرض خال من العمران والمزارع والجبال فإن مساره في الغالب يكون مستقيماً، ومن ثم فإن الإنسان قد يتجه على القبلة ويؤدي صلاته والاتجاه لم يتغير. وإذا كان الطريق متعرجاً فعليه أن ينحرف إلى القبلة إن استطاع ذلك، وإذا استطاع المجموعة أن يؤدوها جماعة فذلك حسن، وإن لم يقدر الفرد أو الجماعة على القيام صلوا جلوساً. 
وأما الطائرة فمن المعلوم أنها لا تقف إلا في المطار المعد لهبوطها، فإن كانت المسافات بعيدة فقد يمر بالإنسان وقت أو أكثر وهو على متنها، فيصلي فيها ولا يؤخر الصلاة عن وقتها، فإن أمكن القيام فيها بلا مشقة صلى قائماً متجهاً إلى القبلة، وذلك أن الطائرة تسير مسافة طويلة بخط مستقيم، ثم تتحول إلى مسار آخر، وتسير مسافة طويلة أيضاً، فيمكنه التوجه إلى القبلة والصلاة بين المقاعد أو عند الأبواب، بقيام وركوع وسجود ويتعين ذلك إن أمكن؛ فإن استطاع من في الطائرة الصلاة جماعة في مكان فارغ تعينت الجماعة، وإن كان المكان لا يسع إلا البعض صلوا جماعة حسب المكان، ثم تأتي جماعة أخرى وتصلي بعدهم، وهكذا إلى أن ينتهوا.. فإن لم يمكن للمصلي الصلاة بين المقاعد أو عند الأبواب صلى على حسب حاله ولو على المقعد، ويستقبل القبلة إن أمكنه ذلك، وإن لم يمكنه صلى على اتجاهه خشية فوات الوقت، وهذا كله من باب قوله -تعالى-: (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا) (البقرة:286)، وقوله -سبحانه-: (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) (التغابن:16). ولقول النبي -صلى الله عليه وسلم- لعمران بن حصين -رضي الله عنه-: (صلِّ قائماًً، فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب).1 
مع الأدلة التي تأمر بأداء الصلاة في وقتها وحرمة إخراجها عن وقتها مهما كان العذر، فإن الله -عز وجل- لم يعذر المقاتل في سبيله الذي يخوض معارك الموت، بل يؤديها كيفما استطاع، فما ذكرناه من الحالات السابقة أخف من ذلك بكثير.. والله الموفق. ومن فتاوى العلماء التي بينت هذا الحكم فتوى فضيلة الشيخ عبد العزيز ابن باز -رحمه الله- حيث سئل هذا السؤال:   كيف يؤدي المسلم الصلاة في الطائرة؟ وهل الأفضل له الصلاة في الطائرة أول الوقت، أو الانتظار حتى يصل المطار إذا كان سيصل في آخر الوقت؟  فأجاب: الواجب على المسلم في الطائرة إذا حضرت الصلاة أن يصليها حسب الطاقة: فإن استطاع أن يصليها قائماً ويركع ويسجد فعل ذلك، وإن لم يستطع صلى جالساً وأومأ بالركوع والسجود، فإن وجد مكاناً في الطائرة يستطيع فيه القيام والسجود في الأرض بدلاً من الإيماء وجب عليه ذلك؛ لقول الله –سبحانه-: (فاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) وقول النبي -صلى الله عليه وسلم- لعمران بن حصين -رضي الله عنهما- وكان مريضاً: (صل قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع صل قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب) رواه البخاري في الصحيح، ورواه النسائي بإسناد صحيح وزاد: (فإن لم تستطع فمستلقياً).  والأفضل له أن يصلي في أول الوقت، فإن أخرها إلى آخر الوقت ليصليها في الأرض فلا بأس، لعموم الأدلة. وحكم السيارة والقطار والسفينة حكم الطائرة. والله ولي التوفيق. انتهت الفتوى. نسأل الله أن ييسر الأمور، وأن يتقبل الأعمال، إنه على كل شيء قدير.


0 التعليقات Blogger 0 Facebook

إرسال تعليق

 
وجهتكم © 2013. All Rights Reserved. Powered by Blogger
Top