الحمد لله رب العالمين المنان ، مفضل يعض الأماكن والأزمان, الذي أنزل في الليلة المباركة القرآن, وفضلها بمزايا كبرى وعطايا حسان, سيدة الليالي خير من ألف شهر يا إنسان. والصلام والسلام على النبي العدنان, من شد المئزر في العشر الأواخر من رمضان, وحث على ذلك كل مسلم ولهان,للفوز بخير المنح والجنان. وعلى آله وصحبه أهل الإيمان والقرآن, ومن سار على دربه إلى يوم الدين في كل زمان ومكان. ليلة القدر سيدة الليالي ...يا مسلم يا غال: في القرآن والسنة الصحيحة: قال الله تعالى: "إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ . وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ . لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ . تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ. سَلَامٌ هِيَ حَتَّىٰ مَطْلَعِ الْفَجْرِ". سورة القدر وقال عز وجل: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ) (الدخان:3) . عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه ُعَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانً وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَنْ صَام َرَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ْذَنْبِهِ" (رواه البخاري ومسلم). فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : دخل رمضان فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن هذا الشهر قد حضركم وفيه ليلة خير من ألف شهر من حرمها فقد حرم الخير كله ولا يحرم خيرها إلا محروم. رواه ابن ماجة في سننه حديث رقم (1644) , وصححه الألباني توصيات هامة قبل لحسن اغتنام ليلة القدر: اعرف مكانة وفضل هذه الليلة العظيمة والمباركة,لأن معرفة قيمتها الكبرى دافع لحسن استغلالها. خذ قسطا من الراحة وقِلْ زوالا لتنشط ليلا . تناول وجبة إفطار خفيفة ولا إياك والتخمة والبطنة لأنها تذهب الفطنة وتحول دون الطاعة . كن عازما على التوبة قبل الإحياء وأثناءه وبعده . ركز على الكيف لا الكم، فليس المهم أن تنهي عدد كبير من الركعات وقلبك ساه لاه . استثمر كل ثانية وإياك والتقصير فإن جوائز هذه الليلة مغرية فلا تقنع بالقليل . اشكر الله على النعمة أن بلغك ليلة القدر ,ووفقك لإحيائها فإن نفرا من الناس غافلون عنها للأسف، وآخرون على سرير المرض وآخرون وآخرون...، فلتكن لك سجدة شكر على النعمة. فضل هذه الليلة العظيمة: خصها الله تعالى بسورة كريمة: لقد نَوَّه القرآن، ونَوَّهَت السُّنَّة بفضل هذه الليلة العظيمة، وأنزل الله فيها سورة كاملة: "إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ . وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ . لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ . تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ. سَلَامٌ هِيَ حَتَّىٰ مَطْلَعِ الْفَجْرِ". سورة القدر سماها الله تعالى بليلة القدر: ليلة القدر وتعني هذا لما يكون فيها من التقدير ، قال تعالى :{ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} [الدخان:4] .قال ابن كثير رحمه الله :" وقوله: {فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ } أي: في ليلة القدر يفصل من اللوح المحفوظ إلى الكتبة أمر السنة، وما يكون فيها من الآجال والأرزاق، وما يكون فيها إلى آخرها. وهكذا روي عن ابن عمر، وأبي مالك، ومجاهد، والضحاك، وغير واحد من السلف" [تفسير القرآن العظيم (7/246)] . وقيل في سبب تسميتها بما يلي : 2/ لأنها ذات قدْر وشرف . 3/ من عبد الله فيها كان ذا قدر ، ومن لم يكن ذا قدر صار بقيامها ذا قدر. 4/ القدر الضيق ؛ لأن الأرض تضيق بالملائكة . 5/ نزل فيها كتاب ذو قد على أمة ذات قدر بواسطة ملك ذي قدر . أنزل الله فيها القرآن الكريم: قال تعالى : { شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} [البقرة :185] . ويا له من شرف نزول أفضل كتاب لخير أمة في خير الشهور و أحسن الليالي. لا يعرف قدرها حقيقة إلا الله تعالى: قال الرازي رحمه الله :" يعني ولم تبلغ درايتك غاية فضلها، ومنتهى علو قدرها" هي خير من ألف شهر: وألف شهر تساوي ثلاثًا و ثمانين سنة وأربعة أشهر؛ أي أن هذه الليلة الواحدة أفضل من عمر طويل يعيشه إنسان عمره ما يقارب مائة سنة، إذا أضفنا إليه سنوات ما قبل البلوغ والتكليف.فيا سبحان الله وما أكثر نعمه. وكما يقول الشيخ القرضاوي: وكيف لا يكون محرومًا من ضيع فرصة هي خير من ثلاثين ألف فرصة؟! إن من ضيع صفقة كان سيربح فيها 100% يتحسر على فواتها أيّما تحسر، فكيف بمن ضيع صفقة كان سيربح فيها 3000000% ثلاثة ملايين في المائة؟!!. اه تنزل الملائكة والروح فيها: قال ابن كثير رحمه الله : " أي يكثر تنزل الملائكة في هذه الليلة لكثرة بركتها ، والملائكة يتنزلون مع تنزل البركة والرحمة ، كما يتنزلون عند تلاوة القرآن ، ويحيطون بحلق الذكر ، ويضعون أجنحتهم لطالب العلم بصدق؛ تعظيما له ، وأما الروح فقيل المراد به ها هنا جبريل عليه السلام ، فيكون من باب عطف الخاص على العام " [تفسير ابن كثير (4/532)] . وسماها الله تعالى المباركة : وقال جل وعلا: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ) (الدخان:3) فيها غفران للذنوب لمن قامها واحتسب في ذلك الأجر عند الله عز وجل ، قال صلى الله عليه وسلم : ( من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ) - متفق عليه. سلام هي حتى مطلع الفجر: أي سالمة من الشرور ، فلا يكون فيها شيء من ذلك كما قال قتادة وغيره من السلف . علامات ليلة القدر: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:”ليلة القدر ليلة سمحة, طلقة, لاحارة, ولاباردة, تصبح الشمس صبيحتها ضعيفة حمراء” صحيح الجامع. وقت ليلة القدر: لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (( تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان )) . رواه البخاري .أي في ليلة : إحدى وعشرين ، أو ثلاث وعشرين ، أو خمس وعشرين ، أو سبع وعشرين ، أو تسع وعشرين . والله أعلم . وأرجاها عند أهل العلم : ليلة سبع وعشرين . حكمة إخفائها عن الناس: ولله جل في علاه حكمة بالغة في إخفائها عنا، فلو تيقنا أي ليلة هي لتراخت العزائم طوال رمضان، واكتفت بإحياء تلك الليلة، فكان إخفاؤها حافزًا للعمل في الشهر كله، ومضاعفته في العشر الأواخر منه، وفي هذا خير كثير للفرد وللجماعة. وهذا ما فهمه أغلب أهل العلم. وظائف هذه الليلة بالخصوص والعشر الأواخر من رمضان عموما: 1/تجديد التوبة والاكثار من الاستغفار: إن الله سبحانه إذا علم منا الصدق يتوب علينا، بل ويبدل سيئاتنا إلى حسنات قال تعالى: ((إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات)). وكثرة الاستغفار مطلوبة ومفيدة جداً، وذاك هدى النبي صلى الله عليه وسلم الذي قال عنه ابن عمر رضي الله عنه: (كنا نعد للنبي صلى الله عليه وسلم في المجلس الواحد استغفر الله وأتوب إليه أكثر من مائة مرة)، وقال عليه الصلاة والسلام لحذيفة (... وأين أنت من الاستغفار يا حذيفة؟ وإني لأستغفر الله في اليوم أكثر من سبعين مرة)، وقد كان السلف يستغفرون الله كثيراً. 2/الإكثار من ذكر الله تعالى: قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً [الأحزاب:41]، وقال تعا لى: وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ [الأحزاب:35]، أي: كثيراً. ففيه الأ مر با لذكر بالكثرة والشدة لشدة حاجة العبد إليه، وعدم استغنائه عنه طرفة عين. عن معاذ بن جبل قال: قال رسول الله : { ألا أخبركم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من إنفاق الذهب والفضة، ومن أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم، ويضربوا أعناقكم } قالوا: بلى يا رسول الله. قال: { ذكر الله عز وجل } [رواه أحمد]. 3/ القيام وإحياء الليلة . لحديث أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» [أخرجه البخاري] . 4/ الإكثار من الدعاء : لقول عائشة رضي الله عنها : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ عَلِمْتُ أَيُّ لَيْلَةٍ لَيْلَةُ الْقَدْرِ مَا أَقُولُ فِيهَا ؟ قَالَ : «قُولِي : اللَّهُمَّ إِنَّكَ عُفُوٌّ كَرِيمٌ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي» [الترمذي] . خاصة منها جوامع الدعاء والمأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم. 5/ المحافظة على الفرائض . قال الله تعالى في الحديث القدسي : (وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ) [البخاري] . خاصة منها صلاة المغرب وصلاة العشاء,فعن عثمان بن عفان رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: « مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا قَامَ نِصْفَ اللَّيْلِ ، وَمَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا صَلَّى اللَّيْلَ كُلَّهُ» . 6/ الاجتهاد في العبادة . عن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ شَدَّ مِئْزَرَهُ ، وَأَحْيَا لَيْلَهُ ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ" [البخاري ومسلم] ، وقولها : "شد مئزره" فيه تفسيران : قيل : اعتزل نساءه . الثاني : اجتهد في عبادته فوق عادته . 7/ الاعتكاف إن تيسر. "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْتَكِفُ فِي كُلِّ رَمَضَانٍ" كما قالت عائشة رضي الله عنها في صحيح البخاري . وذلك ليشمر أكثر ويتفرغ للعبادة. 8/الحذر من البدع فهي محبطة للأعمال وأما البدع فغير جائزة لا في رمضان ولا في غيره، فقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد مسلم في رواية: من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد فما يفعل في بعض ليالي رمضان للأسف من الاحتفالات لا نعلم له أصلا في كتاب ولا في سنة صحيحة، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها. فاللهم وفقنا لحسن قيام وصيام رمضان عامة وحسن قيام ليلة القدر خاصة,ووفقنا لكل خير ما حيينا,و اللَّهُمَّ إِنَّكَ عُفُوٌّ كَرِيمٌ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّا ...آمين. والله تعالى أعلى وأعلم ونسبة العلم إليه أسلم , وبالله التوفيق سبحانه وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
0 التعليقات Blogger 0 Facebook
إرسال تعليق