"أنا آسف جدا لأن حادثة الغارة على السفينة "مافي مرمرة" دمرت علاقتنا".هذا ما قاله بنيامين نتنياهو رئيس الحكومة الإسرائيلية معتذراً أمام الحكومة التركية
عن مقتل مواطنيها أثناء عملية شنها الكوماندوس الاسرائيلي على سفينة "مافي مرمرة" التي كانت متجهة إلى شواطئ قطاع غزة بمحاولة منها لاختراق الحصار المفروض عليه من قبل الدولة العبرية في شهر أيار/مايو من عام 2010.
وقد أفادت التقارير أن رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان قبل الاعتذار من اسرائيل وتم التوصل إلى توافق في الآراء مع نتنياهو بشأن تطبيع العلاقات بين البلدين. يشار إلى أن اسرائيل اعتذرت مرتين فقط حتى يومنا هذا. أول مرة حدث ذلك في عام 1967، عندما اعتذرت قيادة تل أبيب أمام واشنطن عن حادث هجوم الطائرات الاسرائيلية على السفينة الأمريكية "ليبرتي" خلال حرب الأيام الستة. أما المرة الثانية كان في آب/أغسطس من العام الماضي، عندما اعتذرت إسرائيل لمصر بسبب مقتل ثلاثة جنود مصريين في شبه جزيرة سيناء. وبعبارة أخرى فإن كلمات اعتذار القيادة الاسرائيلية فيما يخص الهجوم على "مافي مرمرة"، جاءت للمرة الثالثة في تاريخ 65-عاما من قيام الدولة اليهودية. ويتساءل المراقبون في هذا السياق كيف ينبغي تقييم " الاعتذار التاريخي" لإسرائيل وما هو دور الولايات المتحدة في هذا الاعتذار الذي جاء متأخرا؟
يشير المحللون إلى أن قادة الولايات المتحدة يتحدثون بصراحة حول هذا الموضوع ويؤكدون أن النزاع السوري المستمر وعدم الاستقرار في الشرق الأوسط، والتوتر الذي كان قائما في العلاقات التركية الإسرائيلية، أصبح يشكل تحديا للولايات المتحدة وهنا يؤكد الخبراء أن اعتذار نتنياهو الهاتفي جاء بإيعاز من أوباما شخصيا.
يشار إلى أن ممثلي وزارة الخارجية الأمريكية كانوا قد صرحوا أثناء الإعداد لزيارة الرئيس الأمريكي إلى اسرائيل، إلى أن جدول أعمال المفاوضات يتضمن بند تطبيع العلاقات بين إسرائيل وتركيا يأتي هذا على التوازي مع ممارسة الضغوط الأمريكية على الطرفين. ويشير الخبراء إلى أن اسرائيل كانت تستخدم الورقة التركية لتتاجر بها مع الولايات المتحدة وذلك للحصول على ضمانات قوية لأمن الدولة العبرية، ولهذا عندما أعلن الرئيس أوباما أن رئيس الوزراء الاسرائيلي نتنياهو تحدث هاتفيا مع رئيس الوزراء التركي اردوغان وقدم له الاعتذار بخصوص الانتهاكات التي ارتكبت خلال اعتراض السفينة التركية أثير على الفور السؤال التالي: ماهي الكلفة التي دفعتها واشنطن مقابل اعتذار إسرائيل.
المعلوم أن أوباما كان قد وعد نتنياهو بتمويل مستمر لبرنامج الدفاع الصاروخي الاسرائيلي حيث يقدر قيمته لهذا العام نحو 200 مليون دولار بالاضافة إلى أن الرئيس الأمريكي كان قد أعلن عن نيته تمديد اتفاقية التعاون العسكري لمساعدة الدولة اليهودية والمعمول بها حالياً حتى عام 2027، وهذا الأمر مهم جداً لأن الاسرائيليين كانوا يخشون من تخفيض تمويل الاتفاقات الدفاعية القائمة التي تنتهي في عام 2017 نظراً للصعوبات التي تعاني منها الميزانية الامريكية.
وعندما تأكد رئيس الوزراء الإسرائيلي أن هذا لن يحدث، اعتذر في محادثة مع رئيس الوزراء التركي، وقبل اردوغان الاعتذار وأعرب عن رغبته دعم جميع المبادرات الاقليمية والدولية الرامية إلى إيجاد حل عادل ودائم وشامل للصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
عن ماذا يدور الحديث؟
من الجدير بالذكر أن نتنياهو كان قد أكد في حديث له مع أوباما أن "اسرائيل ما تزال ملتزمة تماماً بالسلام" وبمبدأ "دولتان لشعبين" وأنه "يمد يد السلام والصداقة للفلسطينيين".
الخلاف الآن يكمن في أن رئيس الوزراء الاسرائيلي يحث الجانب الفلسطيني على الجلوس إلى طاولة المفاوضات وبدء المباحثات من نقطة الصفر وترك جميع الشروط السابقة. لكن الفلسطينيين كما هو معروف طالبوا ويطالبون الاسرائيليين بوقف بناء المستوطنات في الضفة الغربية والقدس الشرقية. وترفض اسرائيل وتشكك بهذا في امكانية الاستمرار في عملية تطبيع العلاقات الفلسطينية الاسرائيلية.
والسؤال الذي يطرح نفسه: لماذا إذاً فتحت أنقرة أبوابها الآن بالتحديد في وجه اسرائيل معارضة بذلك أغلبية الأتراك الذين يحملون المشاعر المعادية لاسرائيل؟
قد تعطي بعض تقارير الصحافة الغربية تفسيرات تشير إلى أن اعتذار نتنياهو لاردوغان - ليس سوى الجزء العلوي من هذا الجبل الجليدي. الجزء غير المرئي من ذلك هو أن إسرائيل وقطر وتركيا يجرون مشاورات سياسية مغلقة حول الازمة السورية. ويمكن القول أن المحادثة الهاتفية بين رئيسي وزراء البلدين قد تكون علامة على مزيد من التقارب بينهما في قضايا أخرى، بما في ذلك سوريا. السؤال الكبير ما هي تداعيات هذا التقارب على سوريا.
Top
0 التعليقات Blogger 0 Facebook
إرسال تعليق