adstop

بعيون شقراء وملامح أوروبية جادة و65 عاماً يتوكأ عليها، صعد 'يوسف يورقن' درجات السلم المتوالية حتى وصل للمسجد الواقع في دور مرتفع لمبنى يقع بالقرب من منزله في شتوتغارت الألمانية، حيث يؤدي
دائماً صلواته الخمس.
وعلى الرغم من أمراض القلب والعظام التي يعانيها 'يوسف'، إلا أنه ظل محافظاً على صلاته، مستمتعاً بإسلامه الذي أعلنه قبل ثماني سنوات، وشعر منذ ذلك الحين بأنه ولد من جديد في حياة هانئة يعيشها بكل راحة وطمأنينة.
حياة فارغة
ولعل الحياة الفارغة التي عاشها هذا الستيني قبل إسلامه تمثل أكبر دافع له لتعويض ما فات من تفريط وتجاوزات لا حصر لها، وقال: 'عشت متنقلاً بين شتوتغارت واليونان وأمريكا، ومع عملي سمساراً عقارياً كان المجال مفتوحاً أكثر للسفر بين الدول، إلا أنني كنت أشعر بشيءٍ من عدم الراحة والاستقرار، وهو ما انعكس على نفسيتي وصحتي بعد أن وصلت منتصف الأربعينات'.
قصة إسلامه
وواصل: 'طلقت زوجتي الأولى، ومن حسن حظي أنني تزوجت سيدة تونسية مسلمة، ورُزقت منها بطفلين: صابرين وإلياس، وارتبطت بها، وكانت سبباً رئيساً لهدايتي، فهي لم تضغط عليّ إطلاقاً، بل شعرت بعد حياتي معها بالراحة التي تعيشها والهناء الذي تتذوقه مع هذا الدين، وبالفعل عندما تجد زوجة صالحة ترعاك فإنها تمثل نصف السعادة الدنيوية مثلما تقولون أنتم العرب'.
وبحروف عربية متعثرة نطق يوسف بداية سورة الإخلاص.. ' قل هو الله أحد.. الله الصمد.. لم يلد .. ولم يولد .. ولم يكن له كفواً أحد'، وتوقف قليلاً ملقياً بنظره إلى السماء وكأنه يقر بجبروت الخالق، ثم قال: 'هذه السورة العظيمة هي التي جذبتني للإسلام، فالرب هو فعلاً وحده، ولا ينزل منزل البشر مثلما تعلمت في ديانتي المسيحية، ولم يطل بي البقاء حتى اعتنقت الإسلام.'
وأضاف متذكراً قصة إسلامه: 'كنت أعيش في حيرة لا حد لها، فلم يستوعب عقلي إطلاقاً أن هناك أكثر من إله، وأن الوصول إلى الرب يحتاج إلى مساعدة من أحد آخر، بحثت في العديد من الأديان؛ لعلمي أن هناك حساباً بعد الموت، وخشيت ألا أصل للنعيم الذي أرجوه وأتطلع إليه، وبعد أن قرأت عن الإسلام أحسست بدافع خفي يجذبني إليه، ولم أتأكد من ذلك إلا بعد أن قرأت الآيات العظيمات لسورة الإخلاص، والتي أدخلتني في رعشة جسدية غريبة، وقررت حينها نطق الشهادتين دون تردد'.
سبب تغيير اسمه
بعد دخوله الإسلام، كان القرار الأول تغيير اسمه إلى 'يوسف'؛ إعجاباً باسم نبي الله يوسف عليه السلام، وبعد أن قرأ قصته في القرآن الكريم: 'أنا من أشد المعجبين بهذه القصة العجيبة لنبي الله يوسف، فهو تجاوز الفتنة بإيمان قوي، وأسعى منذ إسلامي لتجاوز الفتن التي أتعرض لها في حياتي، ولكن مهما فعلت فلن أصل للمستوى الرفيع من الصبر الذي وصل إليه النبي يوسف عليه السلام'.
مساهماته العقارية
وساهم سمسار 'شتوتغارت' العقاري في دعم الكثير من المراكز الإسلامية في المدينة، وكانت مساهماته فاعلة في توفير المواقع المناسبة لها بأقل الأسعار، وزيادة التمويل البنكي ودراسة العقود، وقدّم بذلك خدمات جليلة لا تُقدر بثمن، حيث يدين له الكثير من المراكز الإسلامية بالعرفان من جراء وقفاته المخلصة.
في رمضان الحالي قرر يوسف أن يتعلم قراءة القرآن باللغة العربية، مؤكداً أنه اتفق مع زوجته على وضع هدف واضح خلال الشهر الكريم، حيث سيخصص عدة ساعات للتعلم، واثقاً من أنه سينجح في ذلك قبل حلول عيد الفطر المبارك وقال: 'القرآن المترجم باللغة الألمانية واضح وميسر، ولكنني رغبة في استغلال وقتي في الشيء المفيد قررت ألا ينتهي هذا الشهر قبل أن أتمكن من قراءته باللغة العربية؛ لأنني أشعر بأنني سأجده أكثر لذة وأقرب للقلب'.
قتال العراقيين
وعلى الرغم من إعجاب 'يوسف يورقن' الشديد بسماحة الإسلام، وإيمانه بأنه دين السلام والإخاء، إلا أنه يقف مذهولاً أمام ما يحدث في العراق وإيران من تناحر بين المسلمين، وقال بصوتٍ منخفض: 'لا أفهم ما يحدث هناك، هؤلاء أبناء دين واحد، وعليهم أن يتوقفوا فوراً عن سفك الدماء، فالإسلام دين إخاء وتآلف بين المسلمين.. إنني لا أفهم حقاً لماذا يرتكبون تلك الأخطاء الشنيعة.'
وختم حديثه قبل أن يغادر المسجد: 'ليت قادة الدول الإسلامية يتدخلون لحل هذه النزاعات، فهذا العراك الدائر بين المسلمين يؤثر على سمعة الإسلام في الغرب، ويعطي المجال أكثر لوسائل الإعلام في تأكيد الصورة السيئة التي يحاولون رسمها عن ديننا العظيم.'

0 التعليقات Blogger 0 Facebook

إرسال تعليق

 
وجهتكم © 2013. All Rights Reserved. Powered by Blogger
Top